السؤال.. السلام علكم ورحمة الله وبركاته.. لقد أصبحت مجالس الذكر بيننا شبه منعدمة نحن الشباب، حيث نجلس يوما كاملا ولا نسمع تذكيرا بالصلاة أو بالعبادة والذكر ونحو ذلك، وأصبح القرآن مهجورا واستبدلناه بالغناء، وأخاف على نفسي من أن ألحق بهؤلاء، وأريد أن أموت على شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله، فما السبيل إلى ذلك؟!
ثانيا: وجدت فتاة ذات خلق وصاحبة أمانة، لكن ثقافتها الدينية سيئة، والسبب هو الوالدين، وأريد الارتباط بها شرعا وأرغب في مكالمتها عن طريق أختي، فهل هذا جائز؟ وهل يمكن أن أصلحها بعد الزواج منها؟ علما أنها متفهمة.
ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعل لك على الخير أعوانًا.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الذي تشكو منه أصبح سمة ظاهرة في كثير من بلاد المسلمين، حيث أصبحت مجالس الذكر شبه منعدمة، والشباب مشتتون وضائعون ولا يجدون من يُذكرهم بالله ولا من يعينهم على طاعة الله، وهذه سمة غالبة في معظم بلاد المسلمين، وهذا أمر يُنذر بخطر شديد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه إذا انعدم المُذكر وانعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن الناس إذا رأوا الظلم والفساد ولكنهم لم يحرصوا على أن يغيروه شملهم الله بعقاب منه.
ولكن الحل كما ذكره الله في قوله: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فإذا لم نجتهد في تغيير هذا الواقع فإنه سيزداد سوءا مع الأيام، فلماذا لا تبدأ الحل أنت بنفسك؟ لماذا لا تبدأ محاولة التصحيح مستعينًا بالله تبارك وتعالى؟! قد تسأل وتقول: كيف لي أن أبدأ بذلك؟! أقول لك: ينبغي عليك أن تبحث عن صحبة صالحة في القرية التي أنت بها أو المدينة التي تسكنها؛ لأنه يستحيل أن تُوجد كل هذه المظاهر من الفساد والبُعد عن منهج الله ولا يوجد بجوارها خير وصلاح واستقامة، فإنه وكما انتشرت هذه الأمور المخالفة للشرع فإن هناك أيضًا من عباد الله الصالحين عباد ينتشرون في كل مكان من أرض الله جل وعلا، فابحث عن هؤلاء الصالحين وستجدهم إن شاء الله تعالى، شريطة أن يكونوا أصحاب منهج علمي سليم وعقيدة صحيحة موافقة لهدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
فابدأ مرحلة البحث عن هؤلاء، وإن وجدتهم فالزمهم واجتهد على أن تربط نفسك بهم، ثم ابدأ بعد ذلك في المرحلة الثانية في سحب إخوانك الشباب واحدًا بعد واحد إلى مثل هذه المجالس، على أن تبدأ بالأقرب منهم إلى قلبك أو الذي يحبك أكثر من غيرك، لأنه سينصاع لك ويستجيب لدعوتك وسيذهب معك لأنه يحبك ويثق بك، فابدأ عملية البحث أولاً فإن وجدت هؤلاء فاجلس معهم وتعرف عليهم وتأكد من سلامة معتقدهم وصحة طريقتهم حتى لا يكونوا مبتدعة أو من المتطرفين، ثم بعد ذلك ابدأ بعملية جذب إخوانك الشباب إلى هذه المجالس حتى تكونوا كثرة، وبعد أن تتعلموا تستطيع أن تؤسس أنت بنفسك مع إخوانك في قريتك مجلسًا من مجالس الذكر.
وإذا لم تستطع ذلك فابدأ بنفسك وكن أنت النواة، فإذا كان لديك شيء من العلم الشرعي البسيط المتواضع فلا مانع من أن تجلس مع إخوانك وأن تقرأ في الكتب البسيطة، بل وتستطيع أن تذهب إلى العلماء والمشايخ والدعاة وأن تسألهم - إذا كنتم لا تستطيعون أن ترتبطوا ارتباطًا دائمًا أو كليًا – عن الكتب التي ينبغي عليك أن تقرأها في مثل سنك وظروفك، وبأي أبواب العلم تبدأ، لأن العلماء نصُّوا على أنه ينبغي أن يبدأ طالب العلم بصغار العلم قبل كباره، ولا بد له من شيخ يأخذ عنه وإلا كان خطؤه أكثر من صوابه.
فابحث عن هؤلاء العلماء الصالحين وارتبط معهم، ثم خذ إخوانك معك واحدًا بعد الآخر لهذه المجالس لتكونوا نواة لفئة مسلمة مؤمنة بالله تعالى في مكانك الذي أنت فيه، فإذا لم تجد، فابحث أنت بنفسك عن هؤلاء العلماء وقم بزيارتهم في أي مكان على أرض الجزائر، ثم اعرض عليهم حالك وحال إخوانك واطلب منهم مساعدتك للتوجيه بأي العلوم تبدأ وبأي الكتب تبدأ، على أن تتفق معهم على المراجعة ولو كل شهر مرة، تعرض عليهم ما قرأت وما فهمت لاحتمال أن يكون الأمر أكبر من عقلك وطاقتك فتفهم فهماً خاطئًا فتضيع نفسك وتضيع إخوانك وتلقي بنفسك بين أحضان الشيطان.
ويمكنكم أن تأخذوا عهدًا مع بعضكم البعض على أن لا تقربوا الفواحش، خاصة ما يتعلق بالنساء وغير ذلك من الخمور أو المخدرات أو التدخين أو سماع الغناء، فاجتنبوا هذه المسائل لأنها من الخطورة بمكان، وتناصحوا فيما بينكم على ألا تفعلوا ما يغضب الله جل جلاله، وعليكم بذكر الله تعالى، وعليكم بالدعاء أن يشرح الله صدوركم للخير وأن ييسر لكم العلم والتعلم، وأكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الإكثار من الاستغفار وتذكير إخوانك في المدرسة بطاعة الله تعالى.
وأما هذه الفتاة التي رأيتها وترغب في الارتباط بها بعد تأهيلها عن طريق أختك، فأعتقد أنه ما زال أمامك فترة من الزمن حتى تتزوج، فإذا كانت ما زالت لديك فترة فلا ترتبط لا بها ولا بغيرها، لأنه ليس من المعقول في ظل الظروف الحالية أن تتزوج وأنت طالب، إلا إذا كنت قادرًا ماديًا فاستعن بالله ولا تعجز، وأما إذا كان أمامك ولو عام فلا تتكلم معها سواء عن طريق أختك أو عن طريق غيرها ودعها، وإذا كانت لك فإن الله سيحفظها لك ويصرف الأبصار عنها، وبعد ذلك تستطيع أن تقوم على تعليمها سواء كانت في بيت أبيها أو في بيتك، ولا تشغل نفسك بالتعلق بهذه الفتاة أو بغيرها، لأن التعلق يُضعف المستوى العلمي ويؤثر في المستوى الدراسي ويفتح مجالاً للشيطان حتى وإن كنت من العابدين.
نسأل الله لك التوفيق والهداية والرشاد، وأن يفتح عليك وأن يجعلك متميزًا في دراستك وأن تحتل المراكز الأولى بين زملائك حتى تكون أهلاً لخدمة الإسلام والمسلمين.
وبالله التوفيق.
الكاتب: الشيخ / موافي عزب
المصدر: موقع إسلام ويب